الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
150412 مشاهدة print word pdf
line-top
التلبية: أهميتها والحكمة من تشريعها

لما بات بذي الْحُلَيْفَةِ وأصبح وقد لبس إحرامه، وكان قد تَطَيَّبَ قبل أن يُحْرِم. طَيَّبَ شعره، وطَيَّبَ لحيته، وطَيَّبَ يديه، ولم يُطَيِّبْ لباسه؛ لم يُطَيِّبْ ثيابه، فلما صلى الصبح أَهَلَّ وهو في مكانه، بقوله: لبيك حَجًّا. أو لبيك عمرة وحَجًّا، وقال: لبيك اللهم لبيك.
سمعه بعض الصحابة، فقالوا: إنه أحرم وهو في مُصَلَّاه، ثم جاء إلى ناقته التي حج عليها، وتسمى القصواء، فلما استوى على راحلته لَبَّى مرة ثانية، فسمعه آخرون فقالوا: إنه لَبَّى وهو على راحلته، وظنوا أنه لم يلبِّ قبل ذلك، ثم إنه سار قليلا إلى أن استوت به ناقته على البيداء ذلك المكان الواسع- وإذا الناس كلهم قد ركبوا رواحلهم، وإذا هم عن يمينه مَدَّ البصر، وعن يساره كذلك، وأمامه وخلفه، وكلهم جاءوا ليقتدوا به.
فلما استوت به على البيداء لَبَّى، ولما لَبَّى سمعه الذين حوله، فَلَبَّوْا، وسمعهم الذين وراءهم فلبوا، وسمعه الآخرون إلى أن ضَجَّ الحجاج كلهم بهذه التلبية، وسمعت أصواتهم من بعيد، وكان قد أخبر بأن رَبَّهُ أمره برفع الصوت، وقال: إن جبريل أتاني وقال: إن الله يأمرك أن تأمر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال يعني بالتلبية.
واستمروا على هذه التلبية التي كان يُكَرِّرُهَا، وكان يلازم تلبيته، فيقول: لبيك اللهم لبيك! لبيك لا شريك لك لبيك! إن الحمد والنعمة لك والملك لك! لا شريك لك! هذه كانت تلبيته -صلى الله عليه وسلم- ولكن يسمع أصحابه أيضا يُلَبُّون، ويُقِرُّهُمْ على تلبيتهم، فمنهم مَنْ يقول: لبيك حقا حَقًّا.. تَعَبُّدًا ورِقًّا.. ومنهم مَنْ يقول: لبيك لا شريك لك.. لبيك اللهم لبيك.. لبيك وسعديك.. والخير كله بيديك، والشر ليس إليك، نحن عبادك الوافدون إليك، الراغبون فيما لديك. يلبون بهذه التلبية، فكان ذلك مما يدل على جوازها، وبعضهم يقول: لبيك والرغباء إليك والعمل، أو يقول: نحن عبادك الوافدون إليك، الراغبون فيما لديك، أو يقول: لبيك إن العيش عيش الآخرة ونحو ذلك، ولا يُنْكِرُ ذلك عليهم.
فنقول: عليك ما دمت مُحْرِمًا أن تُكَرِّرَ التلبية، فَتُلَبِّي إذا سمعت أحدا يُلَبِّي، وتُلَبِّي في الطريق إذا ارتفعت على مكان رفيع، وتُلَبِّي إذا انْخَفَضَتْ بك راحلتك، أو هبطت في وادي، وكذلك التلبية إذا ركب، أو إذا نزل، أو إذا أقبل الليل، أو أقبل النهار، أو صلى مكتوبة، أو سمع مُلَبِّيًا، أو تلاقت الرفاق، أو فعل محظورا. أي كلما تَجَدَّدَت به حالة فإنه يُلَبِّي أَيَّةَ تلبية يحفظها، أو تتيسر له. ثم نعرف أن هذه التلبية من الأذكار المهمة حتى أن بعض العلماء ذهب إلى...

line-bottom